بيان "الشبكة الفلسطينية العالمية للصحة النفسية" حول مقتل الناشط الفلسطيني نزار بنات و قمع حرية التعبير في فلسطين

تدين "الشبكة الفلسطينية العالمية للصحة النفسية" بأشدّ عبارات الإدانة جريمة تعذيب وقتل الناشط السياسي والمعارض نزار بنات على يد من يمثلون السلطة الحاكمة في الضفة الغربية. وما يفجعُنا في هذا الحدث هو مقتلُ إنسانٍ وخنق صوتٍ حرّ و وأدُ حرية التعبير الذي بات نهجًا متكرّراً في الواقع السياسي الفلسطينيّ المنقسم من ملاحقات لناشطين، وقمع لمتظاهرين، واعتقالات سياسية وترهيب لافراد مجتمعنا وعائلاتنا، كما والتغاضي عن محاسبة عادلة لجرائم استهدفت المرأة والطفل. ان اغتيال نزار بنات هو انتهاك فُرص الوحدة الفلسطينية التي رأينا بشائرها في أيار 2021 ، حين توحّد الشعب الفلسطيني المشتّت في كافة أماكن تواجدِه على فلسطين التاريخية امام الهيمنة الإسرائيلية؛ وحدةَ عزّةٍ قومية وسياسية شجاعة

كمختصّين في العلوم النفسية نعلم أن أحد أعمق وأعنف التبعات النفسية لصدمة الاستعمار هو استدخال أدوات المستعمر واستخدامُها تجاه أبناء جلدتنا، كمن يمارس تجريح الذات عجزاً عن مواجهة العنف الخارجي الممارس عليه

إضافةً إلى استشراس النزعة التدميرية والتشويهية للذات الفردية المتجلّية في لجوء فئات منتفعة و أخرى مندسّة من المجتمع الفلسطيني إلى تمزيق  النسيج الاجتماعي والوطني و إسالة الدماء الفلسطينية في  مظاهر  بلطجيّة بائسة مردُّها مشاعر الاستسلام أمام المحتلّ. كمهنيين ننبّه إلى أن آليّات التماهي مع المعتدي إن سادت و تسيّدت ستؤدي إلى استبدال الجندي الإسرائيلي بمستبدٍّ آخر من أبناء جلدتنا في احتلالٍ جذريّ وعدميّ لفكرة التحرر لأنّ الحرية لا تتجزأ، فحريّة الإنسان من حرية الوطن

يظل ميزان التحرّر في المجتمع الفلسطينيّ العابر للحدود الجغرافيّة والسياسيّة محكوماً بضبط وترشيد ممارسة السلطة على اختلاف صورِها وفق  بوصلةٍ إنسانيّةٍ و أخلاقية و قانونيّة  دقيقة ونقديّة للذات  الفرديّة و الجمعيّة قبل كل شيء
ندعو صنّاع القرار في فلسطين إلى ضرورة التيقّظ للدوافع والآثار النفسية النكبويّة للاقتتال و الانقسام الفلسطينيّ و انهدام الثقة بين الشعب ومواصلة النضال من أجل التحرّروقيادته، و إلى اعتماد مواجهة ومحاسبة الذات أساسًا راسخًا لتوحيد الصفوف الفلسطينية في مواجهة ومحاسبة المحتل 

ان النقد الذاتيّ والتعدديّة الفكريّة وحرّيّة التعبير والأدوات الديمقراطيّة المحتكمة إلى معايير أخلاقية ثابتة وعادلة، هي الركائز الأساسيّة لدعم الصمود والمرونة والصحّة والحصانة النفسيّة لشعبنا أفراداً وجماعةً و مشروعَ تحرّر لا يمكن  أن يُفشل, أو يُقتل.